VALUWIT

healthy corporate culture

هل لبيئة العمل تأثير على أرباحك؟

تُعد ثقافة الشركة أحد المحاور الرئيسية لتحفيز أداء الموظفين وتحقيق النجاح التنظيمي؛ حيث أظهرت الدراسات أن خلق ثقافة وبيئة العمل صحية تستقطب مواهب مميزة من شأنها تعزيز إيرادات الشركات بنسبة 33%

وليس ذلك وحسب، بل يُشير تقرير أجرته مؤسسة غالوب الأمريكية للاستشارات عن “حالة بيئة العمل العالمية لعام 2023” إلى أن الموظفين الذين لا يشعرون بالانخراط في العمل أو المنعزلين بشكل مستمر يكلفون العالم 8.8 تريليون دولار، ما يُعادل 9% من الناتج الإجمالي العالمي، بسبب انعدام الشغف نحو الإنتاجية

وفي حقيقة الأمر،يعتمد نمو الشركة على مجموعة من العوامل، لكن هناك العديد من الدراسات التي تُثبت تأثير ثقافة الشركة الداخلية بشكل كبير على نموها واستدامتها

ثقافة الشركة: أكثر من مجرد مصطلح

ثقافة الشركة الداخلية هي بيئة العمل الداخلية للشركة، وتشمل تصرفات العاملين، وسلوكياتهم، والقيم التي يؤمنون بها، بالإضافة إلى كيفية تعاملهم مع بعضهم البعض، واحتمالية تلقيهم لردود الأفعال والتعليقات بشكل حر ومتواصل، وحتى كيفية اتخاذ الإدارة للقرارات

وتندرج كل من أنماط القيادة، وتفاعل الموظفين والاحتفاظ بهم، وتعاونهم، وغيرها من العناصر الأخرى تحت المظلة الواسعة لمصطلح ثقافة الشركة

وينظر حديثو التخرج والموظفون ذوو الخبرة على حد سواء إلى ثقافة الشركة باعتبارها عاملاً جوهريًا عند التفكير في فرص العمل، إلى جانب اعتقادهم بأن الثقافة الإيجابية واضحة المعالم تساهم في نجاح أعمال الشركات

ولكن هذا ليس كل شيء، فبحسب تقرير “أمة الباحثين عن العمل” المُعد من قِبل شركة جوبفايت لتوظيف المواهب وتقديم البرمجيات كخدمة، يعتقد نحو 38% من الموظفين أن باستطاعتهم رفض فرص العمل المحتملة مسبقًا استنادًا إلى التقييمات العامة لتلك الشركات. كما أفاد التقرير أن 81% من الموظفين يأخذون ثقافة الشركة في الاعتبار عن التقدم للوظيفة

 سبع عناصر أساسية لبيئة عمل صحية

هناك العديد من العوامل المساهمة في ثقافة الشركة، ومع ذلك، توجد قائمة معينة قد تُساعد الشركات على بناء أساس صحي لبيئتها الداخلية

وتأتي المجموعة الموحدة من الأهداف، والتي يُطلق عليها البعض بمهمة ورؤية الشركة، على رأس هذه القائمة. ويصفها آخرون بأنها مسعى لتغيير الإنسانية، فغالبًا ما ينتصر فريق العمل بأكمله على الصراعات الداخلية في سبيل إيمانه بهدف واحد محدد وعمله نحو تحقيقه

ومن واجب الإدارات العليا التذكير وربط جميع الأنشطة بالأهداف الرئيسية للشركة. والأهم من ذلك، التأكد من أن جميع فرق العمل متوافقة في هذا الصدد

وتهدف هذه المهمة المشتركة إلى توجيه القيم الجوهرية للشركة، والتي تُمثل العامل الأساسي الثاني ضمن القائمة بالنسبة للشركات الأفضل أداءً

والقيم الجوهرية للشركة هي مجموعة من المبادئ المتكاملة للغاية هدفها توجيه الأعمال -العمليات منها وتلك الموجهة نحو المجتمع الأكبر؛ حيث إن لها تأثيرًا ملموسًا على العلاقات الداخلية بين الموظفين والفهم العام للعلامة التجارية

ويأتي عنصرالامتيازات الإضافية في المرتبة الثالثة بالقائمة، وهي علامة رئيسية على تبني الشركة لثقافة سليمة وناجحة يشعر فيها موظفوها بالأمان والتقدير والرغبة المتواصلة في المشاركة

ويشتمل هذا الجانب على وضع رؤية ومهمة واضحة للشركة، واتباع قيم جوهرية محددة، وتوفير فرص للتعلم والنمو، مع تحديد أسباب أخرى تُشجع الموظف على البقاء في الشركة؛ فالموظف لا يرغب في مغادرة عمله إذا كانت ثقافة الشركة صحية تدعم فريق العمل وتحفزه وتحثه على التعاون. وقد تتنوع الحوافز من سياسات الإجازات والصحة النفسية والوقت الشخصي ورعاية الأطفال إلى مرونة ساعات العمل والظروف، وغيرها

وتندرج فرص نمو الموظفين تحت مظلة الأفراد والامتيازات لكونها ركيزة مهمة في استقرار البيئة الداخلية للشركات، ولهذا تستحق اهتمامًا استثنائيًا من الإدارة العليا؛ حيث أظهرت الأبحاث أن الشركات التي تُقدم لموظفيها فرصًا كافية للتعلم والنمو أكثر احتمالاً للتمتع بثقافة عمل صحية

أما العنصر الرابع هو التغذية الراجعة، سواء كانت ردود الأفعال والتعليقات موجهة من المدراء إلى فريق العمل أو من الإدارة العليا إلى كبار الموظفين أو العكس. وسواء كانت التغذية الراجعة إيجابية أو سلبية، فإنها تساهم بشكل كبير في بناء ثقافة صحية للشركة

والشركات التي لا تتبع نهجاً واضحة للتغذية الراجعة غالبًا ما تتجاهل تعليقات ورؤى موظفيها وتفتقر إلى العنصر الأساسي الذي يُعزز التعاون بين أفراد فريق العمل

ولهذا تُعتبر حلقات التغذية الراجعة الخارجية أداة مهمة لتسليط الضوء على مجالات التطوير والتحسين ضمن أولويات فريق العمل ومتطلبات التواصل، والتي في نهاية المطاف تساهم في تعظيم الإيرادات

ويُنظر إلى التواصل والثقة في أغلب الأحيان على أنهما الوجه الآخر للتغذية الراجعة؛ فهما ركيزة أساسية في بناء ثقافة صحية للشركة

ولا يمكن لأي عمل أن يتطور بدون الشعور بالثقة والأمان بين كلاً من أفراد فريق العمل والإدارة العليا في التعبير عن أفكارهم وآرائهم؛ فعلى الشركات العمل على تحسين التواصل الداخلي باستمرار من أجل بناء الثقة بين موظفيها

والركيزة الأخيرة في القائمة هي مفهوم التفاعل بين الموظفين، والذي يحمل العديد من الأفكار المغلوطة حول ماهيته؛ فهو لا يتعلق بجعل الموظفين سعداء طوال الوقت، بل يتعلق بخلق تجربة عمل مشتركة يكون جميع أفراد فريق العمل مُتحمسين لها وملتزمين بها

وتُعد الاستقالة الصامتة إحدى العواقب المُكلفة لقلة التواصل والتفاعل بين الموظفين؛ حيث أصبحت هذه الظاهرة اتجاهًا عالميًا يتبناه الموظفون للقيام بالحد الأدنى من مهامهم الوظيفية

ولذلك قد يساعد ربط مهام العمل اليومية بأهداف الشركة المشتركة وإشراك الموظفين في اتخاذ القرارات على زيادة التفاعل

 خمس شركات عالمية اتخذت من ثقافة الشركة مسارًا نحوالريادة

تشتهر الشركات العالمية الناجحة إلى حد كبير ببيئة عملها الصحية وثقافة الشركة التقدمُية

جوجل

تُعد شركة جوجل، المعروفة عالميًا بمقرها الفريد من نوعه، مثالاً على الشركات التي تعمل باستمرار على تطوير ثقافتها

ويوفر المقر الرئيسي لشركة التكنولوجيا العملاقة صالة رياضية، ومرافق صديقة للحيوانات الأليفة، وألعاب، وغيرها من المزايا الأخرى. كما تُقدم الشركة مزايا فريدة مثل فرص التعلم، والمكافآت، وفعاليات بناء فرق العمل، وغيرها

وتُعتبر قيم جوجل جزءًا لا يتجزأ من ثقافتها، حيث تقوم الشركة التكنولوجية العملاقة بتطوير منتجات وخدمات تُركز على المُستخدمين وتجارهم

 وهذا هو السبب وراء تركيز ثقافة جوجل على الابتكار وتطوير المنتجات وتجارب المستخدم. وفيما يتعلق بالابتكار، تُشجع الشركة موظفيها على المخاطرة والإبداع والإبحار في عالم الأفكار الجديدة

نايكي

تُعد شركة نايكي للملابس الرياضية مثالاً آخر على ثقافة العمل الصحية، وذلك لإيمانها بأهمية الرياضة وتأثيرها على حياة الجميع. وبالتالي، تعكس جهودها في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات هذا؛ “ففي نايكي يتم اتخاذ إجراءات لخلق عالم أفضل عبر الاستثمار في مجتمعات أكثر نشاطًا وشمولاً، بدءًا من المدن التي نعيش ونعمل فيها”

وتُشكل الاستدامة جزءًا من ثقافة نايكي، لأن الشركة تقوم بإطلاق برامج ومبادرات لدعم رؤيتها الخاصة بالاستدامة والرياضة حول العالم

وتنفذ نايكي مبادراتها في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال صندوق تأثير نايكي المجتمعي. وتضم هذه المبادرات 4 محاور، وهي تمكين المجتمعات، وحماية الكوكب، والمصادر الموثوقة، والتنوع، والشمولية

 زووم

تفتخر منصة مؤتمرات الفيديو عبر الإنترنت زووم بثقافة شركتها التي تُعزز التواصل والتعاون منذ اليوم الأول

وأنشأت زووم “طاقم السعادة” في مقرها لدعم أعضاء فريق العمل والحفاظ على ثقافة الشركة

وتتضمن هذه الثقافة حضور العاملين الجدد لدورة تدريبية عن بناء العلاقات في مقر الشركة، بالإضافة إلى مشاركة فرق العمل في فعاليات خيرية

وتدعم ثقافة زووم فرق العمل والأفراد على حد سواء؛ حيث تُشجعهم خلال اجتماعها السنوي على مشاركة نجاحاتهم الفردية وإعطاء الفضل للذين ساعدوهم على مدار مسارهم

سي بي إنسايتس

تساعد شركة تحليل البيانات سي بي إنسايتس الشركات في اتخاذ القرارات استنادًا إلى البيانات والتحليل. وتؤمن الشركة بالاستثمار في نمو وتعليم موظفيها، وخاصة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، نظرًا لاعتمادها على البيانات

وتُقدم الشركة مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية للمدراء، بالإضافة إلى منحة دراسية للموظفين. وليس ذلك فحسب، بل يناقش مديرو سي بي إنسايتس نمو السيرة المهنية للموظفين باستمرار

 وتتسم ثقافة شركة سي بي إنسايتس بالتركيز على تنمية الفرد، ودعم نمو موظفيها على كل من الصعيد الشخصي والمهني

شوب جيت

يعتز تطبيق التسوق الإلكتروني شوبجيت بثقافته الدولية المبنية على التوجيه والتعاون. وتُعزز هذه الثقافة المُتبعة من النجاح الفردي لما تسمح به للعاملين من طرح أفكارهم؛ وبالتالي دعم نموهم، ومتابعة شغفهم، وتطوير مواهبهم

وتتميز ثقافة شوبجيت بإتباع التواصل الداخلي كعنصر أساسي، حيث يعمل معظم موظفي الشركة في ألمانيا، بينما يعمل البقية في ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية

ويصل الفارق الزمني بينهم إلى سبع ساعات على الأقل، ولهذا الحفاظ على تواصل وثيق بين كل فرق العمل ضروري لنجاح شوبجيت

وتلعب ثقافة الشركة دورًا ملحوظًا عند وجود وظائف شاغرة، لأن شوبجيت توظف من يتسم بالشغف ولديه رغبة في التعلم والمشاركة مع الشركة في رؤيتها وأهدافها

اختلاف المفاهيم

يميل من يشغل مناصب الإدارة التنفيذية إلى المبالغة في تقدير صحة بيئة العمل بمقارنة بنظرة الموظفين، وذلك وفقًا لاستطلاع أجرته شركة ديلويت لأكثر من 1000 موظف

كما كشف الاستطلاع ذاته عن “انعدام العلاقة” بين مفهوم مديري التنفيذ والموظفين لثقافة الشركة، وهو الأمر الذي كان واضحًا في رد كل مجموعة على الأسئلة المُتعلقة بثقافة الشركة

وفي الختام، يتضح أن نجاح الشركات العالمية العملاقة لم يتحقق إلا من خلال ثقافة مؤسسية سليمة

Related Posts

error: Content is protected !!
Scroll to Top