VALUWIT

Risk aversion in innovation

بين الابتكار وتجنب المخاطر: كيف توازن الشركات غير التكنولوجية بينهما؟

وضعت الشركات التكنولوجية العملاقة حجر أساس سمعتها اعتمادًا على الابتكار، وذلك لاعتباره العامل الأساسي لنجاح أي شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا. ومع ذلك، فالأمر مختلف مع الشركات غير التكنولوجية التي تخشى المخاطرة في معظم الأحيان خلال رحلة سعيها نحو الابتكار

وقد تبدو فكرة تبني الابتكار وكأنها محفوفة بالمخاطر لكثير من الشركات غير التكنولوجية التي تعمل في قطاعات مثل الزراعة، والضيافة، والاستشارات، وذلك لما تحمله الفكرة من مخاوف من الفشل، والخسائر المالية المُحتملة، وتعطيل للعمليات القائمة

ولكن على أية حال، تجاهل الابتكار من المخاطر العالية التي لا تقل خطورة عن تكلفة تبني تكنولوجيا جديدة، ومن هنا تُصبح المعادلة صعبة

وذكر الرئيس التنفيذي لشركة فاليوويت، تامر جودة، مثل امريكي يقول “ابتكر أو تبخر”؛ حيث تحمل بعض من عملاء شركته الاستشارية التكلفة المرتفعة الناجمة عن تأخر تبنيهم للتكنولوجيا الجديدة.

ويُشير جودة إلى أن تبني الحلول المبتكرة يأتي بعد دراسة متأنية على مدى تأثير هذه الحلول التكنولوجية على عائد الاستثمار وزيادة كفاءة العمليات، وغالبًا ما يكون الرهان على تبني الابتكار أكثر أمانًا إذا أظهرت الدراسة نتائج إيجابية

وأظهر استطلاع أجرته مجموعة بي ايه للاستشارات لـ821 من كبار المديرين التنفيذين حول العالم بغرض فهم مدى أهمية الابتكار لهم، أن 66% من المؤسسات – التكنولوجية منها والتقليدية – لن تنجو بدون الابتكار

وعلى الرغم من هذا، ذكرت المجموعة في التقرير نفسه أن العديد من المؤسسات تقوم بتأخير تبنيها للابتكار، مع عدم قيام نحو 37% شركة بأي تغيير يُذكر. كما أفاد نحو 50% من المشاركين في الاستطلاع أن رؤساء شركاتهم لا يبدون تمامًا الرؤية والشغف اللازمين لتحقيق الابتكار

تجنب المخاطر في صنع القرار

على الرغم من توجه العالم نحو التحول الرقمي، يرى العديد من الخبراء أن الشركات غير التكنولوجية تميل أكثر إلى تجنب المخاطر. وفي هذا السياق، أظهر تقرير صادر عن شركة ديلويت وكلية سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا معًا بعنوان “الاستراتيجية، لا التكنولوجيا، تقود التحول الرقمي”، رؤية أكثر من نصف عدد الشركات غير التكنولوجية المُشاركة في الاستطلاع لخوفهم من المخاطرة كعيب رئيسي

كما أظهر تقرير صادر عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز أن 80% من الرؤساء التنفيذين للشركات غير التكنولوجية يرون الابتكار أمرًا في غاية الأهمية لمستقبل شركاتهم، ولكن 40% فقط منهم يسعون بصورة نشطة إلى تطبيق استراتيجيات الابتكار. وتُشير هذه الفجوة بين الإدراك والتنفيذ إلى أن تجنب المخاطرة غالبًا يُعرقل الشركات عن تبني الابتكار رغم أهميته الملموسة

وهناك عدة جوانب تواجه الشركات عند تجنب المخاطر، أولها، التكلفة الباهظة المًحتملة لتبني الابتكار، سواء من حيث الاستثمار المبدئي في البحث والتطوير أو الإنفاق المستمر لمواكبة التطورات التكنولوجية المستمرة. وقد يصعب على بعض الشركات غير التكنولوجية تحمل المخاطر المالية للابتكار، وخاصة الشركات ذات العمليات التشغيلية مُنخفضة الهوامش

والجانب الثاني هو الخوف؛ حيث يرفض حوالي 40% من رواد الأعمال الأفكار المضطربة بسبب الخوف من الفشل، وفقًا لتقرير شركة بي ايه للاستشارات

أما الجانب الثالث، فهو نقص الخبرة في إدارة عملية الابتكار؛ مما يجعل الأمر صعبًا على الشركات غير التكنولوجية عند تحديد الوسائل التكنولوجية الواعدة، ودمجها مع الأنظمة القائمة، وتقييم تأثيرها المحتمل على الأعمال

ومن ناحية أخرى، لا تُعد المخاطر مصدر القلق الوحيد في عملية تبني الابتكار؛ حيث تُثار مخاوف أخرى والتي تتعلق في كثير من الأحيان بالاختراقات الأمنية وفقدان البيانات

وأضاف جودة أيضًا أن الموظفين المُعارضين للتقدم التكنولوجي يتصدرون قائمة العوائق نحو تبني الابتكار

قيادة النمو بالابتكار

لتبني التكنولوجيا والابتكار بشكل أساسي عدة مزايا، أولها تطوير منتجات جديدة تخلق أسواقًا غير مستغلة

وتُشير دراسة مُشتركة أجرتها كلاً من شركة ديلويت وكلية سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن أكثر من 80% من الشركات الناضجة رقميًا تعتبر الابتكار أحد نقاط قوتها الأساسية

كما يُعد الفهم الأفضل للعملاء والاستجابة لاحتياجاتهم أيضًا من مزايا تبني الابتكار المستمر، وذلك لما يقوم به من دور فعّال في جذب عملاء جدد والإبقاء على العملاء الحاليين

وبحسب الإحصائية التي قامت بها شركة بي ايه للاستشارات، حوالي 66% من قادة الابتكار جيدون جدًا في فهم وتوقع احتياجات العملاء، مقارنة بـ 43% من أقرانهم الأقل نجاحًا

وبالنسبة للميزة الثالثة، فهي دفع الابتكار للأعمال نحو النمو، وذلك عبر مساعدة الشركات على تحديد الاتجاهات الناشئة والتنبؤ بالتغيرات في السوق قبل حدوثها من خلال أدوات تتيح لهم الوصول إلى أسواق جديدة واغتنام الفرص

أما الميزة الرابعة، فتكمن في إمكانية زيادة كفاءة وإنتاجية الشركات من خلال الابتكار؛ حيث يساعدهم في استكشاف سبل جديدة لتحسين وتبسيط العمليات الحالية وتطبيق وسائل جديدة من التكنولوجيا

العثور على التوازن المناسب

تُعد المخاطرة عنصرًا أساسيًا في أي عملية ابتكارية، ولهذا يكمن مفتاح النجاح في تحقيق التوازن النسبي بين كلاً من الابتكار والمخاطرة

ومع ذلك، يعتقد الرئيس التنفيذي لشركة فاليوويت، أن التوازن التام بنسبة 100% لا وجود له؛ مما سيجبر الشركات على تقديم بعض التضحيات

ولكن، تبذل الشركات بعض الجهود التي تساعدها على تحسين قدراتها لتقليل المخاطر أثناء رحلة التحول الرقمي

وتتضمن هذه الجهود تغيير عقلية فريق العمل من خلال مجموعة جديدة من المهارات المتعلقة بالمخاطر. ووفقًا لإحصائية اجرتها بي دابليو سي ديجيتال اي كيو، يعتقد نحو 44% من 1250 من كبار التنفيذين أن تعيين الموظفين وتحسين مهاراتهم فيما يتعلق بالتكنولوجيا الجديدة ضمن الوسائل التي مكنتهم من الازدهار

كما أن مشاركة المسؤولين التنفيذين المعنيين بالمخاطر في كل مراحل عملية الابتكار منذ البداية لا تقل أهمية عن الجهود الأخرى المبذولة للحد من المخاطر

ويعمل تقييم المخاطر في البداية على إبقاء المخاطر المتعلقة بالابتكار في المقدمة على مدار عملية الابتكار، وهو الأمر الذي يساعد الشركات على اتخاذ قرارات حاسمة مع استمرار أعمالهم طوال هذه المدة. كما يساعدهم تكرار المسؤولين لتقييم فعالية إدارة المخاطر على تتبع المخاطر بسرعة والتعامل معها كإيقاف أنشطة محددة وتبني بدائل قائمة على المخاطر

ويجب على الشركات أن تُعزز من ثقافة الحث على التجريب، وذلك عبر إنشاء مساحة آمنة للموظفين لتجربة أفكار جديدة وتزويدهم بالموارد اللازمة لمبادرات الابتكار، ومن هنا، تحدث عملية التعلم

وباختصار، الجمع بين التخطيط الاستراتيجي، واتخاذ القرارات المبنية على المعرفة، والرغبة في التعلم من التجارب الناجحة والفاشلة، هو المفتاح الأساسي للحد من المخاطر المرتبطة بالابتكار

Related Posts

error: Content is protected !!
Scroll to Top