VALUWIT

M&A Healthcare

ما بعد الاندماج والاستحواذ في القطاع الطبي: استراتيجيات التكامل الفعّالة في القطاع الطبي

خلافًا للاعتقاد الشائع، يتوقف نجاح أو فشل صفقة الاندماج والاستحواذ على ما يحدث بعد إتمام الصفقة. فبينما تتوقع معظم المؤسسات توسعًا سلسًا في السوق ونموًا في الإيرادات بعد إتمام الصفقة، نادرًا ما يحدث ذلك.

أحد الجوانب الرئيسية التي غالبًا ما يتم تجاهلها هو عمليات التكامل، سواء من حيث سير العمليات أو الثقافة.

ان عمليات التكامل بالغة الأهمية لدرجة أن ما يقرب من 50٪ من عمليات الاندماج “تفشل في تلبية التوقعات بسبب مشاكل تنظيمية” مثل الاختلافات الثقافية وتغيير نماذج التشغيل، وفقًا لدراسة أجرتها شركة الاستشارات العالمية ماكينزي آند كومباني (McKinsey & Company)

وبالمثل، اعربت 65٪ من الشركات المستحوذة عن فروقات ثقافية أعاقت تقدم عملياتها، وفقًا لدراسة استقصائية تركز على تكامل عمليات الاندماج والاستحواذ أجرته شركة الاستشارات بي دبليو سي PwC.

هذه النتائج ليست مفاجئة بالنظر إلى أن 58% من الكيانات تفتقر إلى نهج محدد لتقييم ودمج الثقافة في صفقاتها، وذلك وفقاً لدراسة صغيرة النطاق أجرتها شركة الاستشارات العالمية (Aon Hewitt) على 123 شركة.

وتكتسب هذه الملاحظة أهمية خاصة في القطاع الطبي، حيث لا يقتصر التكامل على الاعتبارات المالية والتشغيلية فحسب، بل يشمل أيضاً البروتوكولات السريرية ومعايير رعاية المرضى والامتثال التنظيمي.

ظهر الأبحاث أنَّ استراتيجيات التكامل الفعّال لما بعد الاندماج تُعدّ العامل الحاسم في تمييز صفقات الاندماج والاستحواذ الناجحة في قطاع الرعاية الصحية عن تلك التي لا تُحقق القيمة المرجوة.

كما أنَّ فهم وتطبيق أفضل ممارسات التكامل لما بعد الاندماج من شأنه تحويل عمليات الاندماج التي قد تنطوي على تحديات إلى مزايا استراتيجية تُعزّز الأداء المؤسسي وجودة رعاية المرضى على حدٍّ سواء.

8 تحديات يجب مراعاتها في التكامل بعد الاندماج

التكامل ما بعد الاندماج هو عملية الجمع بين كيانين بعد صفقة الاندماج والاستحواذ. وهي تركز على وجه التحديد على مواءمة ثقافات الأعمال والتقنيات والأنظمة والعمليات، بالإضافة إلى الحفاظ على أفضل المواهب بعد إتمام الصفقة.

عندما تدخل شركة ما في صفقة اندماج واستحواذ، غالبًا ما يركز أصحاب الأعمال على الأرقام وينسون عوامل أخرى مهمة، مثل عنصر الموارد البشرية وإعادة الهيكلة الداخلية وغيرها.

فيما يلي التحديات الأكثر شيوعًا في عملية التكامل بعد الاندماج وأهم أسباب فشل العديد من صفقات الاندماج والاستحواذ.

1- التكامل التشغيلي

ربما يكون هذا هو مفتاح نجاح أي عملية اندماج واستحواذ في مجال القطاع الطبي. فهو يمثل تحديات فريدة من نوعها بسبب تعقيد دمج الأنظمة السريرية والإدارية مع الحفاظ على رعاية المرضى دون انقطاع.

إن القدرة على دمج العمليات و التشغيل وسلسلة التوريد وأنظمة السجلات الصحية الإلكترونية وسير العمل السريري والعديد من الجوانب الأخرى بنجاح في نظام واحد فعال. كل ذلك مع ضمان الامتثال التنظيمي ومعايير الجودة.

تتجاوز عملية الدمج الجوانب التقنية لتشمل إدارة التغيير، مما يتطلب تنسيقاً دقيقاً بين الطاقم الطبي والإداريين.
وعلاوة على ذلك، يعتمد نجاح عملية الدمج والاستحواذ على تحقيق التوازن بين الكفاءة التشغيلية والهدف الأسمى المتمثل في الحفاظ على جودة رعاية المرضى وسلامتهم.

2- التحديات الثقافية

تقود الثقافة المؤسسية الصحية إلى نجاح أي مؤسسة. فالشركات التي تهمل الثقافة بعد الاندماج أو الاستحواذ من المرجح أن تشهد نزوحًا للموظفين مع تعثر العمل وفشله في نهاية المطاف.

إذا كان لدى كيانين للرعاية الصحية ثقافتان مختلفتان إلى حد كبير، فإن الكيان الناتج عن الاندماج سيكافح من أجل إيجاد التوازن والحفاظ عليه. وستظهر مشاكل في جذب المواهب والاحتفاظ بها ودمجها.

3- التكنولوجيا وتكامل النظام

تستخدم كل مستشفى أو مرفق رعاية صحية نظامًا رقميًا منفصلاً للسجلات الصحية الإلكترونية لإدارة عملياتها. سيحتاج الكيان الناتج عن عملية الاندماج والاستحواذ إلى تحديد النظام

الأفضل الذي يحسن تكاليف الرعاية الصحية ويوفر البيانات الكافية لصناع القرار والرعاية الفائقة للمرضى. علاوة على ذلك، قد يؤدي تكامل النظام إلى نفقات غير متوقعة.

4- إعادة الهيكلة التنظيمية

التحدي الآخر الذي يواجه نجاح صفقات الاندماج والاستحواذ هو إعادة الهيكلة التنظيمية بعد إتمام الصفقة.

ويكمن التحدي في تحديد مراكز التميز والحفاظ عليها مع التخلص من التكرار في الوقت نفسه، كل ذلك دون المساس بجودة رعاية المرضى. وغالباً ما تنطوي هذه العملية على قرارات حساسة بشأن المناصب القيادية وهياكل إعداد التقارير ونماذج الحوكمة.

اقرأ أيضًا: قبل اتخاذ القرار 10 خطوات لتطوير استراتيجية الاندماج والاستحواذ

5- الاحتفاظ بالمواهب

يعد الاحتفاظ بأفضل المواهب أثناء وبعد صفقة الاندماج والاستحواذ أحد أهم التحديات التي تواجهها مؤسسات القطاع الطبي.

فقد تصبح بعض الوظائف زائدة عن الحاجة، مما يؤدي إلى تسريح المئات من الموظفين. وفي الوقت نفسه، بالنسبة للجهة المستحوذة، قد يتم إثقال كاهل الموظفين بمسؤوليات جديدة مما يؤدي إلى الإرهاق وترك الموظفين للشركة.

اقرأ أيضًا: 8 مبادرات للصحة النفسية من أجل ثقافة عمل أفضل

6- تحديات التواصل

تُكلّف مشاكل التواصل الشركات الأمريكية ما يصل إلى 12 تريليون دولار أمريكي سنويًا، وفقًا لتقرير حالة التواصل في مجال الأعمال لعام 2024 الصادر عن شركة جرامرلي (Grammarly) الأمريكية.

وفي السياق نفسه، تشير شركة التحليلات والاستشارات الأمريكية متعددة الجنسيات غالوب (Gallup) إلى أن 13% فقط من الموظفين ”يوافقون بشدة“ على ”التواصل الفعال“ لقيادة مؤسساتهم.

عندما يتعلق الأمر بصفقات الاندماج والاستحواذ، وخاصةً تلك التي تتم في القطاع الطبي حيث يمكن أن تؤثر الإفصاحات والشائعات سلباً على الصفقة، فإن التواصل يمثل تحدياً أكبر.

سواء داخلياً بين الموظفين وفرق العمل، أو خارجياً مع وسائل الإعلام والأقسام في الشركة المندمجة أو المستحوذة.

7- الامتثال التنظيمي

يعد الامتثال التنظيمي جانبًا أساسيًا يجب مراعاته خاصة مع الكيانات الموجودة في أسواق مختلفة.

ونظراً للطبيعة الدقيقة لمؤسسات الرعاية الصحية، بما في ذلك سجلات المرضى والمعلومات المالية ومطالبات التأمين وغيرها، هناك العديد من الإجراءات والمتطلبات التنظيمية التي يجب مراعاتها.

كما يمكن أن تظهر تحديات الامتثال التنظيمي لأحد الكيانات التي يشرف عليها الكيان الحالي. يمكن أن تؤدي هذه التحديات إلى تعطيل صفقة الاندماج والاستحواذ ويمكن أن تؤثر سلبًا على عملية التكامل بعد الاندماج.

8- التكامل المالي

يمثل التكامل المالي في عمليات الاندماج في مجال الرعاية الصحية تعقيدات فريدة من نوعها تتجاوز عمليات الدمج التقليدية للشركات. تتعامل الشركات العادية مع دمج عمليات دورة الإيرادات وعقود الدفع وأنظمة الفوترة مع الحفاظ على التدفق النقدي والامتثال التنظيمي.

ومع ذلك، يتعين على منشآت الرعاية الصحية التوفيق بين مختلف أنواع الرسوم واستراتيجيات التسعير ونماذج السداد عبر الكيانات المدمجة. ويصبح هذا الدمج أكثر تعقيداً عند التعامل مع هياكل وبرامج تأمين مختلفة.

يمكن أن يؤدي أي خلل في عمليات الفوترة أو إدارة دورة الإيرادات إلى مشاكل كبيرة في التدفق النقدي وتأخر السداد وزيادة معدلات الرفض.

وعلاوة على ذلك، يجب على المؤسسات أن تدير بعناية تخصيص رأس المال للاستثمارات التكنولوجية وتحديثات المرافق وتطوير البرامج السريرية مع إظهار التآزر المالي الواضح للمستثمريين.

أفضل ممارسات التكامل بعد الاندماج

لضمان نجاح صفقة الاندماج والاستحواذ وعملية التكامل بعد الاندماج، إليك بعض أفضل الممارسات التي يجب اتباعها.

1- أهمية التدقيق في عمليات الاندماج

تتطلب عمليات الاندماج الناجحة في مجال الرعاية الصحية تخطيطًا شاملاً للتكامل يبدأ أثناء التدقيق و المراجعة وليس بعد إتمام الصفقة.
ويشمل ذلك تحليلاً مفصلاً للعمليات السريرية وأنظمة تكنولوجيا المعلومات ونماذج التوظيف، مع تحديد معالم واضحة وهياكل مساءلة قبل اليوم الأول.

2-إعطاء الأولوية للمعايير الاكلينيكية الموحدة

وضع نهج منظم لتبسيط البروتوكولات الإكلينيكية ومسارات الرعاية في جميع المرافق.
يتضمن ذلك إنشاء لجان بقيادة الأطباء لمراجعة أفضل الممارسات وتوحيدها مع مراعاة الاحتياجات الفريدة للمرضى.

3- إنشاء هيكل تكامل

ينبغي على كلا الكيانين أيضًا مراعاة مختلف التحديات التي قد تطرأ في مرحلة ما بعد الاندماج، بما في ذلك التحديات المتعلقة بالتكامل الثقافي والمالي والتشغيلي، والتي سبق ذكرها.

وسيسمح لهما القيام بذلك بمعالجة التحديات مسبقاً والتخفيف من تأثير تلك التحديات على الكيان المدمج.

4- تعيين قادة لعملية التكامل ووضع إطار واضح للحوكمة

إنشاء هيكل حوكمة قوي مع عمليات واضحة لصنع القرار وتحديد خطوط السلطة والمسؤولية.

ويشمل ذلك تحديد أدوار القيادة الإكلينيكية والإشراف الإداري وإدارة الجودة في المؤسسة المدمجة.

5- إنشاء خطة تواصل داخلي

إلى جانب وجود فريق وإطار عمل لعملية التكامل، يجب عليك إنشاء عملية تواصل داخلي إلى جانب عملية تواصل خارجي واضحة بشأن عملية التكامل لما بعد الاندماج.

تضمن خطة الاتصالات الداخلية أن تكون جميع الفرق والموظفين متوائمة ومدركة جيداً لصفقة الاندماج والاستحواذ، والمعلومات العامة التي يتم مشاركتها، وما يمكن وما لا يمكن مناقشته.

أما خطة الاتصالات الخارجية فتعمل على تبديد الشائعات حول الصفقة المرتقبة، وتقلل من التكهنات، مع ضمان اتّفاق جميع وسائل الإعلام والأطراف المعنية على المعلومات الصحيحة.

6- توحيد معايير الجودة

تطوير أنظمة قياس الجودة ومراقبتها في جميع المرافق. يضمن ذلك رصدًا متسقًا لنتائج المرضى ويساعد في تحديد المجالات التي تتطلب دعمًا إضافيًا أثناء الدمج و التكامل.

7- تحسين الإيرادات

يحتاج كلا الكيانين إلى دمج عمليات دورة الإيرادات الخاصة بهما بعناية مع التركيز بشكل خاص على الحفاظ على التدفقات النقدية وتجنّب تأخّر المطالبات.
الاستباقية والتخطيط المُسبَق أساس النجاح

يعد التكامل بعد الاندماج مرحلة حاسمة في أي صفقة اندماج واستحواذ. فالتخطيط الفعال أمر ضروري لتجنب التحديات غير المتوقعة وضمان جني كلا الكيانين لأقصى قدر من الفوائد من الصفقة.

يُعتبر وجود فريق مُتخصّص في عمليات التكامل، سواء كان فريقًا داخليًا أو بالاستعانة بشركة استشارية، أمرًا بالغ الأهمية لاجتياز مرحلة ما بعد الاندماج أو الاستحواذ بنجاح.
ويُساعد تحديد المشكلات ومعالجتها في وقت مبكر على تخطّي التحديات وضمان سلاسة عملية الانتقال.

Related Posts

error: Content is protected !!
Scroll to Top